قرية المقر التراثية في منطقة النماص، 100 كم شمال أبها في اقصى الجنوب السعودي، تعتبر أعجوبة من أعاجيب القرن الواحد والعشرين، صاغتها عقلية هندسية تراثية في قالب سعودي صرف. ويتداعى إلى الأذهان عند مدخل النماص قصر الحمراء في غرناطة، الذي يتربع في ثنايا القرن السابع عشر.
ويستلهم المقر قصة حضارة حفرها محمد المقر صاحب القرية التراثية، استغرقت أكثر من 35 عاما واستخدم في البناء أكثر من مليوني حجر طبيعي من جبال عسير لتكون من شواهد براعة هذا الإرث التاريخي.
ولم يدر بخلد محمد المقر، الذي تعثر في دراسته في مرحلة الطفولة، وأعاد الأول ابتدائي سبع مرات، أنه سيقضي بقية عمره في البناء والتشييد مروراً قبلها برحلات سافر فيها الى كل الدنيا مكتسباً الخبرة والدراية الكافية لتكون شرارة الانطلاق لمشروعه.
أكثر من عشرين واجهة تطل للزائرين وأروقة محاطة بالحدائق المعلقة، التي مازال العمل جارياً فيها تسقى من خلال قنوات وينابيع مياه استخدم فيها العناصر الزخرفية الرقيقة في قالب هندسيٍ فريد من تصميمه شخصياً، وزخارف من المعمار الأندلسي الذي يكسو الجدران، مطوقاً بالكيشاني المطرز بالنقوش العربية التي ذاع صيتها في الأندلس. والقصر صمم بطريقة تسمح للشمس بأن تدور حوله دورة كاملة على امتداد نوافذ القصر المتعددة.
ولعل أهم ما يميز القصر، القباب السبع، التي تمثل قارات العالم السبع وهناك أكثر من 365 عموداً داخل القصر ممثلةً عدد أيام السنة تتشبع حيطانها بالحضارة الأموية والعباسية لتشكل حزاماً متناسقاً.
وتأتي الأدوار متخذة من الحقب والأزمنة التاريخية موضوعا لها ليحل في مخيلتك امتداد عصور مختلفة في الماضي والحاضر، فالأول يجسد حضارة الأندلس والعصر العباسي في فن الزخرفة والنقش، والثاني يختزل الحضارة الإسلامية من الصين شرقاً وحتى غرب أفريقيا، ليكتنز الدوران معاً 20 الف قطعة أثرية، أما الثالث فيحتوي على سردٍ لتاريخ المخطوطات الإسلامية في الطب والفلك والرياضيات وعلوم الفرائض واللغة العربية والمذاهب الإسلامية.
وتحوي القرية التراثية أجنحة للسكن والإقامة، حيث بإمكانك الإقامة في هذه القرية التراثية لتنعم بالأجواء الصيفية النقية، التي تمتلكها النماص بأسعارٍ رمزية، هدف صاحبها الى أن يستفيد السائح وسابر أغوار التاريخ بالإقامة في هذا المرتفع الجميل.
القصر الذي كلف صاحبه حتى الآن على حد قوله 80 مليون ريال سعودي لم يكتمل ويحتاج لدعم الجهات العليا، الذي يأمل فيها خيراً كثيراً وللهيئة العليا للسياحة لتكمل معه المشوار وتؤثث هذا الجمال التاريخي